ديباجة الـمؤتمر

   

       تعتبر الهيئات الضابطة للإعلام أحد الآليات المؤسساتية المبتكرة من حكومات الدول لتصويب نشاط الإعلام نحو أهدافه، غالبا ما تتعلق بربطه بمفهوم المسؤولية المجتمعية، خاصة في الدول التي تعتبر التجربة الإعلامية فيها حديثة النشأة، وتتعدد آليات الرقابة وتتنوع بين الرقابة المفرطة إلى رقابة الإشراف والتوجيه، وتؤثر طبيعة النظم السياسية على مستوى الرقابة التي تمارسها هيئات الضبط الإعلامي، إذ غالبا ما تتراجع مستويات الرقابة على الإعلام في النظم السياسية المنفتحة، وتزيد مستوياتها في النظم السياسية المنغلقة.

     إرتبط الضبط الإعلامي بنظرية المسؤولية الاجتماعية للإعلام وله عدة ميزات في الحقيقة، إذ يكتسي الإعلام طابعاً إجتماعيا له أدوار في غرس القيم الثقافية والسلوكية الرشيدة، شريطة أن تكون الرسائل التي يوجهها نحو الجمهور رسائل ذات محتوى هادف، وتتناسب مع قيم المجتمع وعاداته وتقاليده، وهنا يأتي دور هيئات الضبط الإعلامي التي تضع للإعلام ضوابط ومعايير يسير عليها في نشاطه، وتلزمه بإحترام أخلاقيات المهنة.

     الجزائر من الدول التي تعتمد على مثل هذه الآليات المؤسساتية في الضبط الإعلامي، فقد تأسست أول هيئة من هذا النوع سنة 1990، المتمثلة في "المجلس الأعلى للإعلام"، وحددت مختلف تشريعات الإعلام بعده آليات مؤسساتية أخرى للضبط الإعلامي، كان آخرها تأسيس "سلطة ضبط السمعي البصري" بموجب القانون رقم 14/04، التي تمارس مهام الضبط والرقابة وتقديم الإستشارة وتسوية النزاعات في قطاع الإعلام.

     يأتي هذا الملتقى في الحقيقة ليعالج عدة إشكالات تتعلق بآليات الضبط الإعلامي وأهم هيئاته في مختلف الدول العربية عامة والجزائر خصوصا، ويركز كذلك على طبيعة الرقابة ومستوياتها وأثرها على تنمية روح المسؤولية المجتمعية للإعلام في العالم العربي، وتسليط الضوء على أهم التجارب الرائدة في مجال الضبط الإعلامي والمسؤولية المجتمعية.